بعد الإنتهاء من معركة الإنتخابات النيابية، بدأت العديد من الأحزاب والتيارات السياسية البحث في الأرقام التي نالتها والأخطاء التي وقعت فيها لتجنب تكرارها في المرحلة المقبلة، لا سيما تلك التي خسرت مقاعد كانت تعتبرها شبه مضمونة.
ضمن هذا السياق، يأتي فشل "الحزب السوري القومي الإجتماعي" بالفوز في مقعد نيابي في المتن الشمالي، خصوصاً أن الحزب كان يعتبر الفوز بالمقعد الماروني أمراً محسوماً، ما دفع منفذ عام الحزب في المنطقة سمعان الخراط إلى تقديم إستقالته من مسؤوليته، حرصاً منه على تحمل المسؤولية "المعنوية"، بحسب ما أعلن، لكنه أشار، في المقابل، إلى أن المسؤولية "الفعلية" تقع على عاتق أكثر من جهة.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن ما حصل في المتن الشمالي سيكون موضع متابعة من قبل قيادة "القومي"، لا سيما أن تداعياته قد تكون كبيرة، لكنها تلفت إلى أن الأخطاء بدأت منذ ما قبل حسم الحزب مرشحه في هذه الدائرة، بسبب الخلافات التي حصلت في المجلس الأعلى، حيث لم يتم الإعلان عن المرشح في الجلسة نفسها التي تم فيها الإعلان عن باقي المرشحين في الدوائر الأخرى.
وتوضح هذه المصادر أن الحزب تأخر كثيراً في الاعلان عن إسم مرشحه، خصوصاً أن المعلومات كانت تتحدث عن التوجه نحو تبني ترشيح الوزير السابق فادي عبود، في حين أن المرشح النهائي، النائب السابق غسان الأشقر، كان يعلن أنه لا يرغب في خوض المعركة الإنتخابية، إلا أن الخلافات الحزبية دفعت بالقيادة إلى الطلب منه التراجع عن قراره، نظراً إلى أن الإتفاق على إسم آخر كان أمراً صعباً.
بالتزامن، تلفت المصادر نفسها إلى أن "الخربطة" نفسها حصلت بعد الإعلان عن أسماء مرشحي اللائحة، التي كانت تضم مرشح "القومي"، المدعومة أيضاً من "التيار الوطني الحر" وحزب "الطاشناق"، نظراً إلى أنها ضمت أكثر من مرشح ينافسون مرشح الحزب على مستوى الأصوات التفضيلية نفسها، مثل النائب الياس بو صعب، القريب من الأوساط الحزبيّة والذي يقدم منذ سنوات مروحة واسعة من الخدمات، بالإضافة إلى المرشّحة كورين الأشقر، ابنة رئيس بلدية ضبية قبلان الأشقر، كونها تنافس الأشقر على الأصوات القوميّة من جهة، وعلى أصوات عائلة الأشقر من جهة ثانية، وتضيف: "من هنا كان على قيادة الحزب التنبه إلى أن الحلفاء يريدون أن تكون أصواته مجرد رافعة لعدد النواب الذين سيفوزون بهم، خصوصاً التيار الوطني الحر، الذي كان يضع كل ثقله لتأمين فوز مرشحيه الحزبيين".
بالإضافة إلى ذلك، لا تنكر المصادر المطلعة تأثير وجود مرشح قومي آخر على اللائحة التي يرأسها النائب ميشال المر، هو المرشح ميلاد السبعلي الذي تمت تسميته من قبل الجناح الآخر الذي يرأسه وزير المصالحة السوري علي حيدر، الأمر الذي لم يكن يحصل في الدورات السابقة، نظراً إلى أن القوميين كانوا يتفقون على تسمية مرشح واحد لخوض المعركة، من دون تجاهل أن بعض الأسماء القومية كانت تعمل، في هذه المعركة، على دعم النائب المر، بالرغم من وجود الأشقر على اللائحة المنافسة، كما أن "حزب الله" و"حركة أمل" لم يمنحا أصواتهما لمرشح "القومي".
في المحصلة، تشير هذه المصادر إلى أن الدليل الأبرز على هذا الواقع هو الأصوات التي حصل عليها مرشح "القومي" في بلدة ضهور الشوير، التي تعتبر معقل الحزب الأساسي في المتن الشمالي، حيث نال بو صعب 1078 صوت مقابل 143 صوتاً لصالح الأشقر و38 صوتاً لصالح السبعلي، بينما تفوق مرشحا "القوات" أدي أبي اللمع (148 صوتاً) و"الكتائب" سامي الجميل (143 صوتًا) على مرشحي "القومي"، أي الأشقر والسبعلي، وتؤكد أن الأصوات التي نالها الأشقر (2778 صوتاً)، في نهاية المعركة، لا تعكس حجمه الإنتخابي الحقيقي، لكنها تعكس تداعيات "الشرذمة" التي حصلت في هذا الإستحقاق.